مبنى مجلس شورى النواب ... قراءة فنية في سماته الإنشائية


بيانات التعريف بمبنى مجلس الشورى التاريخي

اسم الأثر...........: مبنى مجلس الشورى
رقم تسجيل الأثر...: [بدون]
المنشأ.............: غير معروف
تاريخ الإنشاء......: 1331 هـ ( 1912 م )
(1)
التصنيف النوعي..: مجلس نيابي
حالة الأثر.........: تعرض لحادث حريق
المنطقة الإدارية...: القصر العيني
المنطقة الأثرية....: جنوب القاهرة
الموقع…........ .: يقع مبنى مجلس الشورى بين شارعي قصر العيني غربا
و شارع الفلكي شرقا، و يحده من الجنوب شارع مجلس الأمة
و من الشمال شارع الشيخ ريحان.
(2)

مقدمة
هذه الورقة بمثابة قراءة غير تقليدية لحادث حريق مبنى شورى النواب و محاولة لفك الشفرة الخاصة به لتكون بمثابة جرس إنذار للمسئولين و الشعب المصري. فقد فاجئنا القدر يوم 19 أغسطس 2008 ميلادية، بحدث جلل فقدنا فيه واحد من أهم مفردات عمارة القرن التاسع عشر ليلحق بسراي المسافرخانة الذي ألتهمته النيران في 22 أكتوبر 1998 ميلادية، و من قبله احتراق دار الأوبرا المصرية في 28 أكتوبر 1971 ميلادية و بين هذا و ذاك العديد من الحوادث المتفرقة و إن كانت لم تصل إلى فداحة أحداث التواريخ المذكورة. و لن يجد المتابع لهذه الأحداث صعوبة في ادارك مسبباتها الحقيقية و التي تتلخص في حالة اللاوعي التي نحياها منذ فترة ليست بالقصيرة و فقدان الهوية المصرية و الاستسلام إلى الغزو الفكري و الثقافي الخارجي. و يعتبر التراث الحضاري المصري أهم ما يمتلكه الشعب و الذي بذل من أجله النفيس و الغالي على مر التاريخ كان أقربها استدانة الخديوي إسماعيل من إنجلترا لإنشاء مصر الحديثة. و كانت تبعات هذا الدين الإمتيازات التي حصلت عليها الإدارة الفرنسية لقناة السويس لتسديد ديون مصر. و تشابك حلقات هذا الدين من احتلال انجليزي عام 1882 ميلادية و عدوان 1956 ميلادية بعد تأميم القناة إلى أخره من أحداث سدد الشعب المصري حسابها من دمائه و أرواحه. و على الرغم من فداحة حدث حريق مبني مجلس الشورى ليس فقط لكونه من المباني التاريخية النادرة، لكن لكونه شاهد على مر تاريخ مصر الحديث للحياة النيابية كسلطة تشريعية أسسها الخديوي إسماعيل كأول برلمان في الشرق الأوسط و أفريقيا ليكون واجهة الدولة الحديثة التي كان يطمح إلى بنائها. و تذكر الوثائق أن البرلمان الذي أطلق عليه "مجلس شورى النواب" أول ما أسس كان عام 1866 ميلادية، و كان مقره في القلعة حيث مؤسسات الدولة منذ العصر الأيوبي و حتى عصر الخديوي، بعد بناء قصر عابدين، نزل الخديوي بمقر الحكم إلى وسط المدينة و انتقل مجلس الشورى إلى أحدى قاعات مبنى المحكمة المختلطة بميدان العتبة، بعدها أنتقل إلى إحدى قاعات مبنى وزارة الأشغال العمومية و هو نفسه المبنى الذي أحترق في 19 أغسطس 2008 ميلادية. و كان لهذا الحدث أثره السلبي لدى جموع الشعب المصري الذي تعرض للعديد من الأحداث المشابهة على مدار الثلاثة عقود الأخيرة. الأمر الذي يلفت النظر إلى عدم الاستفادة من الأحداث السابقة لمنع تكرارها.
كما كشف الحادث الأخير مدى ما وصل إليه الحال في مؤسساتنا العلمية و التعليمية من وهن و ضعف في المستويات العلمية سواء الهندسية أو الأثرية. فالعجيب أن يسارع كبار المسئولين ليدلوا بتصريحات غير دقيقة عن أسباب الحريق أو قصور في التعامل مع ألسنة اللهب نفسها إلى أخره من حالة الفوضى التي عايشناها أثناء الحدث و بعده و ما زالت مستمرة حتى كتابة هذه الورقة.
و كان الأمر الأسوأ على الإطلاق التوثيق الخاطئ لتاريخ إنشاء المبنى في كتب صادرة عن جهات علمية كما ورد في دليل الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة و الصادر عام 2000 ميلادية، خاصة أن هذا الدليل صادر عن الجهة المسئولة عن الآثار بالاشتراك مع مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فضلا عن فقدان المخططات الأصلية للمبنى المحترق أو بدائلها من صور ضوئية، على الرغم من صدور القرار رقم 910 لسنة 1987 ميلادية بضم مبنى مجلس الشورى للآثار الإسلامية. و بالقراءة المتأنية لما سبق نجد أنفسنا أمام حالة من عدم الثقة في أداء الجهات الرسمية و خططهم سواء في عمليات التوثيق و التسجيل أو المحافظة و صيانة هذا التراث العظيم، و هذا ما سنفرده في هذه الورقة من حالات دراسية محددة خاصة و أن مدينة القاهرة تحتوي بمفردها على أكثر من 5000 مبنى من المباني ذات القيمة التاريخية و المعمارية موزعة بين أحيائها المختلفة.

الخلفية التاريخية للقاهرة الخديوية
بتولي الخديوي إسماعيل بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا حكم مصر عام ١٨٦٣ ميلادية، اهتم بتخطيط القاهرة أملا في أن تصبح القاهرة قطعة من أوروبا التي درس فيها تخطيط المدن. فظهرت مباني هذه الحقبة التاريخية مليئة بالثراء المعماري والفني من خلال مزج الطرز الأوروبية الكلاسيكية والجديدة بالعناصر الشرقية. واغلب هذه المباني على الطرز الأوروبية مثل النيوباروك (neo-baroque style) والنيورينسانس(neo-renaissance style)، قام بتصميمها أشهر المعماريين في أوروبا.
كلف الخديوي إسماعيل المهندس الفرنسى باريل بك دى شمب بتخطيط العاصمة الجديدة
(3) ، وقد وضع لها تخطيطا مكونا من سبعة مشاريع أهمها تحويل مجرى النيل إلى مجراه الحالي، حيث انه كان محاذيا لشارع الدقي مارا ببولاق الدكرور فإمبابة و العجوزة حتى بولاق. وقد ترتب على ذلك إنشاء أحياء عمرانية جديدة حيث امتدت القاهرة لتشمل الجيزة و إمبابة. و قد ساعد على المد العمراني نحو الجيزة في هذه الفترة إنشاء كوبري قصر النيل عام 1871 ميلادية.
أما بالنسبة للمشروع الثاني فكان خاص بمنطقة الأزبكية حيث قام الخديوي إسماعيل بردم البركة وعمل حديقة عامة و بنى دار الأوبرا وميدانها وبنى بجوارها مسرح الكوميديا عام 1868 ميلادية و فندق الكونتننتال، وشق شارع كلوت بك و أقام ميدان العتبة الخضراء. و أختص المشروع الثالث بتخطيط منطقة عابدين حيث أراد أن تكون مقر الحكم، فبنى قصر عابدين وافتتحه عام 1874 ميلادية و أمامه ميدان فسيح وشق شارعي عبد العزيز و عابدين. و بالمنطقة المقابلة قام بعمل مشروع منطقة الشاطئ الشرقي للنيل حيث امتدت من شارع عماد الدين وشارع رمسيس جنوبا إلى القصر العيني وميدان التحرير. كما كان لمنطقة الزمالك نصيب من اهتمام الخديوي إسماعيل بعد تحويل مجرى النيل وتحولت إلى مصيف لسكان القاهرة، و في عام 1868 ميلادية أقيمت سراي الجزيرة لتقييم بها الأمبراطورة أوجيني خلال زيارتها للقاهرة بمناسبة افتتاح قناة السويس وهى الأن فندق ماريوت.

اختيار مكان قاهرة الخديوي
اختيرت المنطقة من عابدين إلى نهر النيل حيث كان المكان الذي يشغله ميدان التحرير حاليا تغمره مياه النيل أيام الفيضان مخلفة ورائها مستنقعات و أحراش تكثر فيها الحشائش و البوص مما جعلها بيئة مناسبة لنشر الأمراض و الأوبئة نتيجة لتوطن البعوض و الفئران. ففكر الخديوي إسماعيل أن يقيم عليها مشروعه الجديد حيث قام بتجفيف المستنقعات و ارتفع بمستوى الأرض. و قام بعمل ميدان كبير أطلق عليه ميدان الإسماعيلية "ميدان التحرير حاليا" وأقام كوبري قصر النيل ليصل بين القاهرة وجزيرة الزمالك، وأقام كوبري يسمى كوبري الانجليز ( كوبري الجلاء حاليا) ليربط جزيرة الزمالك بالجيزة.
وقام الخديوي بربط الأحياء ببعضها و أشهرها الإسماعيلية وعابدين والأوبرا والتوفيقية فشقت الشوارع على خطوط مستقيمة وزوايا قائمة ، ومدت تحت أرضيتها أنابيب المياه وأقيمت فيها أعمدة الإنارة واستخدم لها غاز الاستصباح. فأصبحت القاهرة من أجمل المناطق وسكنها طبقة الأمراء والأعيان. وأعاد الخديوي تنسيق حديقة الأزبكية وقام ببناء مسرح الأوبرا والمسرح الكوميدي ، ووضع تماثيل العظماء في الميادين وأشهرها تمثال إبراهيم باشا عام 1873 ميلادية.
وأقيمت قصور أفراد الأسرة الحاكمة على الجهة الشرقية للنيل جهة ميدان الإسماعيلية و أشهرها قصر الدوبارة و الذي أصبح مقر المعتمد البريطاني، و قصر النيل والقصر العيني. و قد أقيمت أيضا بهذه المنطقة قصور الوجهاء كقصر الأمير كمال الدين حسين و الذي أصبح وزارة الخارجية. وقصر لاظوغلي "مدرسة على عبد اللطيف حاليا"، وقصر فخري باشا "بنك مصر باريس"، وقصر داوود عدس "مطابع دار الشعب" و قصر الأمير سعيد حليم ناصية شارع شامبليون "مدرسة الناصرية الإعدادية حاليا"، وقصر الأميرة شويكار "مجلس الوزراء" .
كما بني عدد من المباني التابعة للدايرة السنية لتشغلها النظارات (الوزارات) المختلفة كمبنى نظارة المالية و الذي ألحقق على قصر إسماعيل صديق ( المفتش ). إلى جانب عدد من النظارات الأخرى كنظارة الحقانية "وزارة العدل" و الصحة و التعليم و الإرشاد القومي و نظارة الأشغال العمومية "وزارة الري حاليا".

خريطة 1: توضح تخطيط عام للقاهرة الخديوية، 1878 م بواسطة Erhard ( نقلا عن Rhone, Arthur 1878 )
خريطة 2: القاهرة الخديوية 1885 م ( نقلا عن Wagner & Debes)
خريطة 3: القاهرة الخديوية 1898 م ( نقلا عن Wagner & Debes)
خريطة 4: خريطة القاهرة تبين الآثار الإسلامية ( نقلا عن دليل الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة، 2000 م)
التكوين العام للمبني المحترق و وصف مبانيه
ينتمي الطراز الفني المستخدم في المبنى بما يعرف بطراز التوليف المتكون من عدة طرز مختلفة اشتهرت بها العمارة الأوربية في القرن التاسع عشر و العشرين تتبع لمدرسة ألبوزار الفنية Beaux arts. يعتمد هذا الأسلوب على الخلط بين الطرز القديمة و الحديثة كطراز الباروك Baroque الفرنسي الذي يتميز بزخارفه النباتية الدقيقة الملتوية و مزجه مع الزخارف الهندسية ، كما هو الحال بالزخارف الجصية على الأفاريز التي تعلو الطابق العلوي في كل واجهات المبنى. و بشكل عام أستخدم في إنشاء هذا القصر العديد من الخامات و مواد البناء المحلية و المستوردة. هذا و يعتبر مبنى مجلس الشورى من الحالات المتفردة من حيث قيمته الفنية و موقعه بمنطقة وسط القاهرة، فضلا عن الحقب التاريخية التي مرت به و هو بمثابة شاهد لأحداث هذه الفترة من التاريخ المصري الحديث مما اكسبه أهمية خاصة كان يستوجب معه المحافظة عليه.
يتكون المبنى من عدد من الوحدات المرتبطة ببعضها و التي تكون فيما بينها عدداً من الأفنية الداخلية و الخارجية. و في الغالب أن هذا المبنى كان يتكون من ثلاث كتل بنائية رئيسية يفصلهما فنائين داخليين أضيف لهما عدد من التوسعات في مطلع القرن العشرين إذ أنه لا يظهر في خرائط مدينة القاهرة حتى عام 1898م سوى المبنى الرئيسي لمجلس شورى النواب (الشورى حاليا)، و الذي كانت تشغله نظارة الأشغال العمومية في هذا الوقت. تطل الواجهة الرئيسية للمبنى المحترق على الفناء الأمامي المطل على شارع مجلس الشعب و الجناح الغربي على شارع قصر العيني، بينما تتصل الواجهة الشرقية بالمبنى الرئيسي لمجلس الشعب الذي ألحق بالمبنى المحترق عام 1923 ميلادية و المحتوي على البهو الفرعوني. و يمتد شمالا حتى الفناء الخلفي المطل على شارع الشيخ ريحان.
شكل: يوضح المبنى الأصلي لوزارة الأشغال العمومية و المسجل خرائط القاهرة عام 1885 على اليسار، و صورة بالقمر الصناعي على اليمين بها الزيادات التي أضيفت عام 1923 ميلادية على المبنى نفسه و التي قسمت الأفنية الداخلية من فنائين إلى أربعة أفنية.

صورة بالقمر الصناعي: توضح المبنى الأصلي لمجلس الشورى قبل الحريق و الزيادات التي أضيفت عام 1923 ميلادية و القاعة الرئيسية لمجلس الشعب مغطاة بقبة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دليل الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة، الإصدار الأول، 2000، ص 285، على الرغم من أهمية مبنى مجلس الشورى و تسجيله كأثر عام 1987 م إلا أن التاريخ المذكور بدليل الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة و الصادر عن المجلس الأعلى للآثار بالاشتراك مع مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء ينقصه الدقة، حيث أرخ المبنى عام 1912 م و هذا خطأ.
(2) دليل الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة، الإصدار الأول، 2000، ص 285
(3) يوسف عمر محمد الرافعي و اخرين، تدهور وضياع عمران قاهرة الخديوي إسماعيل،مؤتمر الأزهر الهندسي الدولي التاسع، 12-14 أبريل 2007.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلاصة هذه الورقة لا يمكن قبول ما هو مسجل لدى المجلس الآعلى للأثار بشأن ناريخ المبني (1912م) و إذ تثبت الخرائط القديمة أنه أقدم من عام 1885 م .
و سنكمل إن شاء الله السمات الهندسية و الإنشائية لهذا المبنى بالتتابع و كيفية التعامل مع ما تبقى منه بعد الحريق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السمات الإنشائية لمباني القرن 19
( قصر أسماعيل المفتش كمثال لهذه القصور و المواكب لنفس فترة إنشاء مجلس الشورى )
المواد المستخدمة في تشييد العناصر الإنشائية
أن الكتل الحجرية المستخدمة في بناء الحوائط ذات أحجام و مقاسات مختلفة حيث أستخدمت في تقسيم المساحات الكبيرة داخل بعض الحجرات ، أما المداميك المبنية من الآجر فقد استخدمت لتنظيم ارتفاع الحوائط كذلك استخدمت في استكمال المداميك المستخدم في بناءها الدبش عند سوك الحوائط وأركانها . كما أستخدم أيضا ف- الأحجار و مؤن البناء
بمعاينة حوائط مباني القصر وجد أنه استخدم في بناءها الأحجار الجيرية بأشكالها المختلفة ( الدبش و الكتلي بنوعيه الثلاثات و الأربعات ) ، وقد استخدمت الأحجار الجيرية الكتلية باسلوب الحل و الرباط INTER LOCKING WALLS ، و ترتكز هذه الحوائط الحاملة على أساسات شريطية STRIP FOUNDATIONS .

و قد لوحظ في بناء حوائط هذا القصر قوالب الآجر (الطوب المحروق) الذي تركز استخدامه في ربط الحوائط المتعامدة مع بعضها الى جانب استخدامه في بناء العقود لتخفيف الأحمال الفوقية والعمل على إعادة توزيع الإجهادات العمودية على الأجزاء السفلية جنبا الى جنب مع الدبل الخشبية التي أستخدمت كأربطة تقوم بنفس الغرض .
قد أستخدمت مون لمخاليط من الجير و الرمل و طمي النيل و القصرمل في ربط الكتل الحجرية و الدبش ، فضلاً عن المون المستخدمة في عمليات البياض و التكسية للحوائط وذلك للحصول على سطح مستوى ، واستخدمت أرضيات مونة الخافقي ( و هي عبارة عن الجير الدسم و الحمرة و الزلط ) و التي استخدمت في تغطية الأرضيات في شكل بلاطة واحدة بمساحة الوحدة أو الغرفة . و بلغ سمك الحوائط في معظم وحدات مباني القصر حوالي80 سم.

- أخشاب العناصر الإنشائية
تمثل الأخشاب أهمية انشائية في مباني قصر اسماعيل المفتش و خاصة في حالة أستخدامها كأربطة لمداميك البناء و في تغطية الأسقف وصلبات رأسية و أفقية لرفع الدرج و كأعمدة حاملة للأسقف في الغرف الكبيرة.

- الأربطة الخشبية (الدبل)

من خلال الفحص البصري للأخشاب المستخدمة في القصر كعناصر إنشائية مثل الدبل الخشبية وجد أنها مندمجة بوضعها الطولي كأربطة في صلب مداميك البناء ، و كأعتاب للفتحات توضع ضمن مراحل و خطوات التشييد وهي لاتقل أهمية عن مواد البناء التي يقوم عليها المبنى بحوائطه الحاملة ، وهي في مجمل أوضاعها تحقق الخصائص التالية:
أ- تقوم بتوزيع ضغوط أحمال الحوائط على عوارض الأخشاب في وضعها الأفقي بين كل مجموعة من المداميك و من ثم توزيع الاجتهادات على المستوى الأفقي للمباني ، مما يحقق ثبات الأبنية و خاصة ذات الحوائط العالية كما هو الحال في حوائط مباني القصر التي يبلغ ارتفاعها حوالي 7م للطابق الواحد .
ب- تحقق مزيدا من التماسك و القوة للحوائط الحاملة كما تعمل على تدعيمها أمام عوامل التعرية عندما تكون في معزل عن الرطوبة ، و من ثم تجعل المباني مؤمنة في حالة الهبوط التدريجي غير المتكافئ أو الاهتزازات الطبيعية أو الصناعية.
جـ- كما تفيد أوضاع الرباطات الخشبية في مداميك البناء في عمليات الاستبدال المطلوبة أثناء ترميم الحوائط دون أن تتأثر أجزاء الحوائط الداخلة ضمن نطاق هذه الأربطة ، و من ثم عدم تأثر المبنى بصفة عامة.
د- إن كان ماسبق يبين أهمية الدبل الخشبية أو الأربطة الخشبية في تماسك المبنى فهناك دورا أخر لهذه الأربطة عندما يراد التخلص من المبنى أو هدمه حيث يتم أشعال النيران في المبنى و بإحتراق هذه الأربطة ينهار المبنى كليةو يسهل إزالة الحطام دون اللجوء لأي أعمال هدم مكلفة.

- الأسقف الخشبية
أستخدمت البراطيم الخشبية المستقيمة المحملة على مسافات متقاربة في تغطية الأسقف ، تم غطيت بألواح التطبيق للأرضيات في الاتجاه الطولي بشكل أساسي ، و قد اختلفت طرق تشطيب الأسقف من وحدة لأخرى ففي الغرف تمت تغطية العروق المنشئة للأسقف بمدادات خشبية (ترابيع) بقطاعات مختلفة الثخانات و الأطوال مما جعلها تعطي أستواء مستقيم لبطن السقف ، و لقد غطيت الترابيع الخشبية اما بمصبعات خشبية (خشب بغدادلي ) ثم كسيت بطبقة من الملاط التي نفذ عليها العديد من الزخارف النباتية و الهندسية و الادمية لأعطاء الشكل المطلوب لوجه السقف من الداخل بينما في حالة تسقيف الردهات و الغرف الكبيرة و الممرات فقد أختلفت أعمال النهو و التشطيب عن الأسلوب السابق حيث وضعت ألواح التطبيق في اتجاه حيز الفراغ الطولي في أوضاع مرتبة لتعطي أستواء لبطن السقف من جهة ، كما أن وجود فراغات بين ألواح التطبيق و التربيعات تعمل على العزل الصوتي و الحراري. أما الأعمدة الخشبية الرأسية الحاملة للأسقف فهي أعمدة ذات مسقط مربع تتراوح أقطارها ما بين 20 : 25 سم أستخدمت بغرض تقليل بحر السقف وجميعها مرتكزة على كتل حجرية مستوية الأوجه كقواعد منفصلة.

- المعادن كعناصر إنشائية
أستخدمت الكمرات المعدنية بدلا من البراطيم الخشبية لتسقيف الحوائط الحاملة في بعض الحجرات ، و هذه الكمرات من المحتمل أن تكون استخدمت في فترة لاحقة لفترة بناء القصر، و هي عبارة عن كمرات طوليه حديدية غطي أعلاها بمجموعة أخرى من ألواح الصاج المضلع الخفيف دهنت مباشرة بدهانات زيتية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المواد المستخدمة في تشييد العناصر المعمارية
المرة القادمة إن شاء الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- المواد المستخدمة في تشييد العناصر المعمارية

- أخشاب النجارة
أستخدم خشب الموسكي في عمل الدلف الخشبية المكونة للشيش و هي عبارة عن أطر محشية بأوراق شمسية بطول الدلفة ( الريش ) كذلك استخدمت في عمل الأطر المكونة للزجاج الداخلي. أما الأبواب المستخدمة في القصر فهي عبارة عن مصرعين من أخشاب الموسكي في بعض الأحيان خشب عزيزي أو أرو تنقسم كل دلفة الى ثلاثة أجزاء من حيث التصميم الزخرفي و يبلغ ارتفاع المصراع حوالي 2,5 متر ويبلغ عرضه حوالي 70 سم وقد ينتهي ارتفاع دلفتي الباب بعتبة مستطيلة من الخشب أو قد تنتهي بحلق معقود ويغطي بحر العقد أعلى فتحتي الباب من الخارج لوح زجاجي. كما تواجدت ألواح التطبيق الخشبية مستخدمة في تجليد الثلث السفلي من الحوائط و هي أيضا من خشب الموسكي و قد ثبتت في الجزء السفلي منها بلوح خشبي طولي. كذلك استخدمت حليات خشبية مشكلة بطريقة الأويما في تثبيت الألواح من أعلى.

صنع سلما مبنى الإستقبال و المبنى السكني من الخشب العزيزي ذو الخواص الجيدة ، و يتكون سلم المبنى السكني من أربع دعامات واثنى عشرعمودا تحمل السلم و يتكون السلم من أربع قلبات و تتكون كل قلبة من عدد من الدرجات ، و السلم ذو مسقط مثمن . أما درابزين السلم فهو يتكون من مداد أفقي سفلي كذلك نجد أن البرامق الخشبية المكونة للدرابزين و المنفذة بأسلوب الخرط في شكل زخرفي بديع وهي مثبتة بالمداد الأفقي السفلي بطريقة النقر واللسان.

أما الشخشيخة فتتكون من رقبة مثمنة الشكل تحمل قبة نصف كروية يتوسطها شكل زخرفي عبارة عن أفرع نباتية ، و تتكون القبة من ثلاث طبقات. الخارجية من الخشب العزيزي وهي تغطي مجموعة من الأعمدة الخشبية و قد غطيت هذه الأعمدة من الداخل بمصبعات خشبية و التي قد كسيت بدورها بطبقة من الملاط التي قد نفذت عليها العديد من الزخارف الهندسية و النباتية في تصميم بديع ، و الغرض الوظيفي منها هو توفير الإضاءة .

كما استخدمت القواطيع الخشبية في حالة الغرف الجانبية ذات الإتساع المحدود و الأطوال الكبيرة ، حيث تقسم هذه الأطوال لغرف محدودة و قد كسيت هذه القواطيع بطبقة من البياض بنفس الأسلوب المستخدم في تكسية الحوائط الحجرية .

- المعادن
أستخدم الحديد المشغول في عمل الأسوار الخارجية وأبواب مداخل القصر كذلك باب مبنى الإستقبال كما استخدم في عمل وحدات الإنارة ( الأباليك الحديدية ) كذلك أستخدم الشبك الممدد لتثبيت طبقة الملاط عليه ، كما استخدمت مواسير الحديد الزهر و المجلفن في أنابيب الصرف و أنابيب التغذية ، و أستخدم الحديد السبك المشغول في عمل السياج النصفي الداخلي لمعظم الشبابيك بالمستوى الأول لمباني القصر ، كما استخدم ايضا في عمل المصبعات المستخدمة لإحكام غلق فتحات عقود المداخل الفرعية للقصر.
كما أستخدم الحديد السبك المشغول في تشكيل أعمدة الإنارة التي تتقدم النافورة في الجهة الشمالية ولا تحتوي على أي فوانيس زجاجية.
- وحدات الإضاءة
الى جانب وحدات اللأضاءة بالحديقة يحتوي المبنى على عدد من وحدات الإضاءة التي تتكون من أطر نحاسية مطلية بماء الذهب و زجاج الكريستال ( صورة رقم ) .

- المصاعد
يوجد بالقصر ثلاثة مصاعد الاول في مبنى الإستقبال و الثاني في المبنى السكني و الاخير في المبنى الاوسط. وتنتمي المصاعد الثلاث الى ما يعرف باسم مصاعد الجر ، حيث يحتوي بئر المصعد على قضبان الإنزلاق التي تمتد من ارضية البئر الى الوجه السفلي من السقف ، كذلك يحتوي على الاسطوانات الدليلية ولا تزال المصاعد محتوية على حبال الرفع بحالة جيدة حتى الان.
أما الصاعدة فهي تتكون من الصلب الإنشائي الملحومة و المبرشمة مع بعضها وقد غلفت الصاعدات من الداخل بالالوميتال ، وابواب هذه الصاعدة من النوع الجرار الاوتوماتيكي.

- المواد المستخدمة في تشييد العناصر الزخرفية

- الأحجار و مؤن البناء
أستخدمت قوالب خاصة من الآجر ذات أحجام صغيرة في تشكيل الأفاريز الزخرفية الهندسية ، ولقد بنيت هذه الزخارف بالطوب و غطيت بطبقة من مونة البياض التي بدورها غطيت بطبقة رقيقة من الجير الملون بالأكاسيد الصفراء ، بينما غطيت الحوائط الداخلية بمونة البياض مباشرة و علاها طبقة رقيقة من المصيص التي طليت على مر الفترات بدهانات الزيت بألوان مختلفة . كما استخدمت طبقات من الجص لتغطية الخشب البغدادلي بالأسقف ثم طليت تلك الطبقة بدهانات زيتية مختلفة الألوان و من المرجح أنها تعود لفترات حديثة، و في بعض الحالات استخدمت دهانات الزيت على الألواح الخشبية المكونة للسقف مباشرة دون استخدام الجص .

- أخشاب الأعمال الزخرفية
أستخدمت الأخشاب كعنصر زخرفي بالقصر وذلك باستخدام حليات خشبية تزين الأسقف ، كذلك استخدمت الأخشاب في عمل الإزارالخشبي المحيط بالسقف ، كذلك تم استخدامها في عمل الشخشيخة التي ترتفع أعلى سلم مبنى الإستقبال كذلك استخدمت الأخشاب في عمل الشخشيخة الثانية التي توجد أعلى سلم المبنى السكني حيث أنها تضفي مظهرا جماليا مميزا سواء من خارج القصر أو من داخله خاصة وأنها يظهر عليها من الداخل بقايا لونية مما يشير الى أنها كانت تحتوي على زخارف مرسومة ، كما أن الرقبة الحاملة لقبة الشخشيخة تحتوي على نوافذ زجاجية ملونة . كما يحتوي المبنى السكني على سلم خشبي ذو شكل انشائي مميز حيث أنه مثمن المسقط محمول على اعمده مثمنة المسقط و قد شكل درابزين السلم من عدد من البرامق من خشب الخرط . كذلك استخدمت الأخشاب المشكلة بطريقة الأويما في تقسيم الجدار الى بانوهات ( وحدات ) تتباين الوان طبقة الزيت داخلها عن باقي الجدار ويضاف الى ذلك البراويز الخشبية التي تحيط بفتحات الشبابيك و الأبواب والتي قد شكلت باشكال زخرفية متعددة كذلك استخدم الخشب المشكل بطريقة الأويما في عمل الوحدات الزخرفية التي تتوسط الأسقف. وقد غطيت أرضيات بعض الحجرات بخشب الباركيه و الذي قد نفذ بتقسيمات زخرفية مميزة .

- معادن الأعمال الزخرفية
أستخدم الحديد كعنصر زخرفي في العديد من الوحدات الإنشائيه ، وقد استغل الصانع قابلية الخامة للتشكيل بالطرق المختلفة وذلك لعمل الأشكال الزخرفية المتنوعة بالسور الخارجي و بوابات مداخل القصر، كما استخدم ايضا في عمل درابزين سلم مبنى الإستقبال بأشكال زخرفية مميزة ، كما استخدم في عمل وحدات الإنارة وذلك بتشكيلها بأشكال زخرفية كذلك تشكيل اعمدة الإنارة الحديدية على هيئة قاعدة مخروطية ، ثم بدن العامود الاسطواني و التي تنتهي بفانوس واحد وهو مفقود الان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد التقدبم لسمات مواد بناء العناصر الإنشائية و المعمارية و الزخرفية في المباني ذات القيمة المعمارية و التاريخية ، و التي تتطلب معاملة خاصة من قاتني هذه النوعية من الأبنية تكون بمثابة درء الخطر أو الوقاية من الأخطار خاصة عند تعرض هذه المباني للهب المباشر أو حتى غير المباشر. لهذا السبب سأخصص الجزء التالي لقابلية مباني الحوائط الحاملة إلى خطر الحريق . و ما هي الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الحرائق و هل كان من الممكن تلافيها في حالة مبنى مجلس الشورى ... فضلا عن الدروس المستفادة من هذه الكارثة بكل ما يعينه اللفظ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

د . عبد الفتاح البنا بعد زيارة شارع المعز :